فصل: تفسير الآية رقم (201):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (201):

القول في تأويل قوله تعالى: {وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [201].
{وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا والآخرة، وصرفت كل شر، فإن الحسنة في الدنيا. تشمل كل مطلوب دنيوي- من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلمٍ نافع، وعملٍ صالح، ومركب هين، وثناء جميل... إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين- ولا منافاة بينها- فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا. وأما الحسنة في الآخرة: فأعلى ذلك رضوان الله تعالى ودخول الجنة، وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصَات، وتيسير الحساب... وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة. وأما النجاة من النار: فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام، وترك الشبهات والحرام.
وقد ورد في السنة الترغيب في هذا الدعاء، فقد كان يقول صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري عن أنس.
وروى الإمام أحمد: يسأل قتادة أنساً: أي: دعوة كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم أكثر؟ قال: كان أكثر دعوة يدعو بها يقول: «اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه! ورواه مسلم وهذا لفظه.
وروى الإمام الشافعي عن عبد الله بن السائب: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن بني جمح والركن الأسود: «{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}» الآية.

.تفسير الآية رقم (202):

القول في تأويل قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [202].
{أُولَئِكَ} إشارة إلى الفريق الثاني باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت الجميلة، وما فيه من معنى البعد؛ لما مر مراراً من الإشارة إلى علو درجتهم، وبعد منزلتهم في الفضل: {لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ} أي: من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة. أو من أجل ما كسبوا كقوله: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25]. أو لهم نصيب مما دعوا به نعطيهم منه في الدنيا والآخرة. وسمي الدعاء كسباً؛ لأنه من الأعمال وهي موصوفة بالكسب: {وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} إما بمعنى سريع في الحساب كسريع في السير، فالجملة تذييل لقوله: {أُولَئِكَ} إلخ يعني: أنه يجازيهم على قدر أعمالهم وكسبهم ولا يشغله شأن عن شأن لأنه سريع في المحاسبة، أو بمعنى: سريع حسابه كحسن الوجه. فالجملة تذييل لقوله: {فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} إلخ يعني: يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب العباد. فبادروا إكثار الذكر وطلب الآخرة باكتساب الطاعات والحسنات.
وقال الراغب: لما كان الحساب يكشف عن جمل الشيء وتفصيله، نبه بذلك على إحاطته بأفعال عباده ووقوفه على حقائقها. وذكر السريع تنبيهاً أن ذلك منه لا في زمان ولا بفكرة، وذلك أبلغ ما يمكن أن يتصور به الكافة سرعة فعل الله.
تنبيه:
قال الرازي: اعلم أن الله تعالى بيّن أولاً تفصيل مناسك الحج، ثم أمر بعدها بالذكر فقال: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} إلخ، ثم بين أن الأولى أن يترك ذكر غيره وأن يقتصر على ذكره فقال: {فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ} إلخ، ثم بين بعد ذلك الذكر كيفية الدعاء فقال: {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ} إلخ، وما أحسن هذا الترتيب! فإنه لابد من تقديم العبادة لكسر النفس وإزالة ظلماتها، ثم بعد العبادة لابد من الاشتغال بذكر الله تعالى لتنوير القلب وتجلي نور جلاله، ثم بعد ذلك الذكر، يشتغل الرجل بالدعاء، إنما يكمل إذا كان مسبوقاً بالذكر....

.تفسير الآية رقم (203):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [203].
{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} هي أيام التشريق، قاله ابن عباس رضي الله عنه. وروى الإمام مسلم عن نُبَيْشَة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله». وقال عِكْرِمَة: معنى هذه الآية: التكبير في أيام التشريق بعد الصلوات المكتوبات: الله أكبر! الله أكبر!.
وروى البخاري عن ابن عمر: أنه كان يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، وفي مجلسه، وفي ممشاه في تلك الأيام جميعاً. وفي رواية: أنه كان يكبر في قبته، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتجّ منى. أخرجه البخاري تعليقاً.
ومن الذكر في هذه الأيام: التكبير مع كل حصاة من حصى الجمار كل يوم من أيام التشريق، فقد ورد في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم كبّر مع كل حصاة.
وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: «إنما جعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل».
وروى مالك في موطأه عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عُمَر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر حين ارتفاع النهار شيئاً، فكبر، فكبر الناس بتكبيره. ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر، فكبر الناس بتكبيره. ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبّر، فكبّر الناس بتكبيره حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت فيُعلم أن عمر قد خرج يرمي.
ثم قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء- من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب.
ثم قال: الأيام المعدودات: أيام التشريق.
وفي القاموس وشرحه: التشريق تقديد اللحم، ومنه سميت أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها، أي: تشرّر في الشمس- حكاه يعقوب، وقيل: سميت بذلك لقولهم: أشرق ثبير كيما نغير، أو لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس- قاله ابن الأعرابي. قال أبو عبيد: وكان أبو حنيفة يذهب بالتشريق إلى التكبير، ولم يذهب إليه غيره.
{فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} أي: فمن تعجل النفر الأول من هذه الأيام الثلاثة، فلم يمكث حتى يرمي في اليوم الثالث. واكتفى برمي الجمار في يومين من هذه الأيام الثلاثة، فلا يأثم بهذا لتعجيل. وإيضاحه: أنه يجب على الحاج المبيت بمنى الليلة الأولى والثانية من ليالي أيام التشريق. ليرمي كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرون حصاة. يرمي عند كل جمرة سبع حصيات. ثم من رمى في اليوم الثاني وأراد أن ينفر ويدع البيتوتة الليلة الثالثة ورمى يومها، فذلك واسع له: {وَمَن تَأَخَّرَ} أي: حتى رمى في اليوم الثالث، وهو النفر الثاني: {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} في تأخره. واعلم: السنة هو التأخر. فإنه صلى الله عليه وسلم لم يتعجل في يومين، بل تأخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثة. ولا يقال هذا الفظ- أعني: {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} إنما يقال في حق المقصر لا في حق من أتى بتمام العمل، لأنا نقول: أتى به لمشاكلة اللفظ الأول كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، ونحن نعلم أن جزاء السيئة والعدوان ليس بسيئة ولا عدوان. فإذا حمل على موافقة اللفظ ما لا يصح في المعنى، فلأن يحمل على موافقة اللفظ ما يصح في المعنى أولى؛ لأن المبرور المأجور يصح في المعنى نفي الإثم عنه- قاله الواحدي.
وقال الراغب: رفع الإثم عن المتعجل والمتأخر على وجه الإباحة- أي: كناية عنها- وقيل: رفع الإثم: أنه حط ذنوبهما بإقامتهما الحج- تعجل أو تأخر- بشرط أن يكون مقياسهما الاعتبار بالتقوى، وعلى ذلك دلّ حديث: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».
وقوله تعالى: {لِمَنِ اتَّقَى} خبر لمبتدأ محذوف، أي: الذي ذكر- من التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر، أو من الأحكام- لمن اتقى، لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به، على حد: {ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الروم: 38]، وقوله: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] {وَاتَّقُواْ اللّهَ} في مجامع أموركم: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي: للجزاء على أعمالكم، وهو تأكيد للأمر بالتقوى وبعثٌ على التشدد فيه، لأن من تصور أنه لابد من حشر ومحاسبة ومساءلة، وأن بعد الموت لا دار إلا الجنة أو النار، صار ذلك من أقوى الدواعي له إلى التقوى. والحشر: اسم يقع على ابتداء خروجهم من الأجداث إلى انتهاء الموقف.

.تفسير الآية رقم (204):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [204].
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي: يعظم في نفسك حلاوة حديثه وفصاحته في أمر الحياة الدنيا التي هي مبلغ علمه: {وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} أي: يحلف بالله على الإيمان بك والمحبة لك، وأن الذي في قلبه موافق للسانه لئلا يتفرس فيه الكفر والعداوة، أو معناه: يظهر لك الإسلام ويبارز الله بما في قلبه من الكفر والنفاق- على نحو ما وصف به أهل النفاق حيث قالوا: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] وكقوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} [النساء: 108] الآية: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} شديد الخصومة جدل بالباطل.

.تفسير الآية رقم (205):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} [205].
{وَإِذَا تَوَلَّى}: انصرف عمن خدعه بكلامه: {سَعَى}- مشى-: {فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا} بإدخال الشبه في قلوب المسلمين، وباستخراج الحيل في تقوية الكفر، وهذا المعنى يسمى فساداً، كقوله تعالى حكاية عن قوم فرعون: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} [الأعراف: 127]. أي: يردوا قومك عن دينهم ويفسدوا عليهم شرعتهم. وسمي هذا المعنى فساداً لأنه يوقع الاختلاف بين الناس، ويفرق كلمتهم، ويؤدي إلى أن يتبرأ بعضهم من بعض، فتنقطع الأرحام، وتنسفك الدماء. وهذا كثير في القرآن المجيد {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ} أي: الزرع: {وَالنَّسْلَ} أي: المواشي الناتجة.
قال بعض المحققين: وإن إهلاك الحرث والنسل كناية عن الإيذاء الشديد، وإن التعبير به عن ذلك صار من قبيل المثل، فالمعنى: يؤذي مسترسلاً في إفساده ولو أدى إلى إهلاك الحرث والنسل.
{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} أي: لا يرضى فعله.
قال الراغب: إن قيل: كيف حكم تعالى بأنه لا يحب الفساد وهو مفسد للأشياء؟ قيل: الإفساد في الحقيقة: إخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح، وذلك غير موجود في فعل الله تعالى، ولا هو آمر به، ولا محب له، وما يُرى من فعله، ويظهر بظاهره فساداً، فهو بالإضافة إلينا واعتبارنا له كذلك. فأما بالنظر الإلهي فكله صلاح، ولهذا قال بعض الحكماء: يا من إفساده إصلاح! أي: ما نظنه إفساداً؛ لقصور نظرنا ومعرفتنا- فهو في الحقيقة إصلاح. وجملة الأمر: إن الْإِنْسَاْن هو زبدة هذا العالم وما سواه مخلوق لأجله، ولهذا قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 29]. والمقصد من الْإِنْسَاْن سوقه إلى كماله الذي رسخ له. فإذن: إهلاك ما أمر بإهلاكه، لإصلاح الْإِنْسَاْن وما منه أسباب حياته الأبدية. ولشرح هذه الجملة موضع آخر....

.تفسير الآية رقم (206):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [206].
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ} على نهج العظة: {اتَّقِ اللّهَ} في النفاق، واحذر سوء عاقبته. أو في الإفساد والإهلاك وفي اللجاج بالباطل: {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ} أي: حملته الأنفة وحميّة الجاهلية على الفعل بالإثم وهو التكبر، أو المعنى: أخذته الحمية للإثم الذي في قلبه فمنعته عن قبول قول الناصح: {فَحَسْبُهُ} أي: كافيه: {جَهَنَّمُ} إذا صار إليها واستقر فيها جزاء وعذاباً: {وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} أي: الفراش الذي يستقر عليه بدل فرش عزته.
قال الراغب: المهد معروف، وتصور منه التوطئة، فقيل لكل وطيء مهد. والمهاد يجعل تارة جمعاً للمهد، وتارة للآلة نحو فراش. وجعل جهنم مهاداً لهم كما جعل العذاب مبشراً به في قوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عِمْرَان: 21].
وقال الحاكم: هذه الآية تدل على أن من أكبر الذنوب عند الله أن يقال للعبد: اتق الله! فيقول عليك نفسك....
قال الزمخشري: ومنه ردّ قول الواعظ.
وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحج: 72].
ولما أتم تعالى الإخبار عن هذا الفريق من الناس الضال، أتبعه بقسيمه المهتدي. ليبعث العباد على تجنب صفات الفريق الأول، والتخلق بنعوت الثاني فقال: